
طربت مصر لواقعة رشق الرئيس الأميركي جورج بوش بالحذاء أثناء مؤتمر صحافي مشترك الأحد الماضي، وتفاعلت ردود الأفعال الساخرة والجادة معا، فيما تراصت أعمدة الصحف بالمقالات المبتهجة بالواقعة.وقد أعلنت لجنة الحريات بنقابة الصحافيين المصريين عن وقفة تقدير وتضامن مع الصحافي العراقي الزيدي اليوم الخميس أمام مقر النقابة بقلب القاهرة. فيما دعت ''حركة معلمون بلا نقابة '' بمدينة الإسكندرية إلى إعلان يوم واقعة الحذاء البغدادية عيدا قوميا في مصر بعدما اعتبرت أن الزيدي يعبر عن الأمة العربية بأكملها. بدوره تجاوب البرلمان المصري مع الحالة الشعبية، فوقع 77 نائبا من مختلف الاتجاهات على بيان يطالب بالإفراج عن الصحافي العراقي، ويدعو المنظمات الحقوقية الدولية لإعلان تضامنها معه. لكن وراء البهجة الشعبية الطاغية باستهداف بوش بالأحذية في بغداد والتعاطف والتقدير اللافتين تجاه الزيدي نطقت أصوات على استحياء بأسئلة من قبيل ''ماذا لو كان المستهدف بمثل هذا الحذاء احد الحكام العرب؟ وما هو مصير صاحب الحذاء حينها؟''. ولعل رسما كاريكاتيريا في صحيفة الدستور للفنان ''عمرو سليم قد عكس جانبا من ظلال هذا السؤال حين صور مسؤولا يجلس إلى مكتبه ويملي أوامره على مساعده قائلا ''عندي تعليمات عليا بأننا نرفع أسعار الجزم فورا .. مش عايز أشوف حد في الشارع لا بس جزمة أبدا''.من جانبه، أطلق النائب البرلماني المستقل مصطفى بكري على واقعة الحذاء البغدادية صفة ''العملية الاستشهادية''، فإن الشاعر أحمد فؤاد نجم لقبه في مقاله بجريدة ''الدستور'' المستقلة الصحافي العراقي بـ ''أدهم البغدادي'' مستلهما سيرة ''أدهم الشرقاوي'' من التراث الشعبي. فيما أسرع إسلام خليل مؤلف أغنيات المطرب الشعبي شعبان عبدالرحيم بكتابة أغنية جديدة تهجو الرئيس الأميركي وتقول كلماتها (خلاص مالكش لزمة.. يا بوش يا بن اللزينا.. تستاهل ألف جزمة على اللي عملته فينا.. الجزمة كانت مفاجأة تمام زي الزيارة.. والدنيا بحالها فرحت والناس فضلت سهارى).ولأن هناك دائما ما هو أكثر من الفرجة الجماعية أمام شاشات التلفزيون أو تبادل كليبات الهاتف المحمول والمساهمة في '' الفيس بك '' فضلا عن الأغنيات والكاريكاتير، فإن مصريين خرجوا للتعبير عن احتفائهم بالحدث البغدادي. وكان لافتا أن هذا الخروج ـ كما التعاطف مع عراق صدام حسين ضد الاحتلال الأميركي ـ تجلى في أقاصي الصعيد وفي عمق الريف، حيث أمضى مصريون سنوات من أعمارهم أثناء عهد صدام يعملون ويعيشون في العراق. وفي صباح اليوم التالي مباشرة لواقعة بوش والحذاء تجمهر نحو 300 محام في ''كوم امبو'' بمحافظة أسوان أقصى جنوب مصر في وقفه تضامن مع ''الزيدي'' رددوا خلالها هتافات ضد الولايات المتحدة وإسرائيل. أما في بلدة ''طوخ'' بمحافظة القليوبية وحيث الريف المحيط بالعاصمة، فقد انطلقت مسيرة سيارات تحمل صور صدام. وكان المصريون التفوا حول شاشات التلفزيون في المقاهي وأخذوا يتابعون مرارا وتكرارا عملية رشق بوش وسط صيحات التكبير، وكأنهم يشاهدون هدفا ممتعا لفريق كرة النادي الأهلي الأكثر شعبية.وهكذا لم يكن مستغربا أن يرى ناقد رياضي أن واقعة الحذاء البغدادية ضمدت جراح وداوت أحزان هزيمة الأهلي مطلع الأسبوع في اليابان، وأن جماهير الكرة المصرية وجدت في فعلة '' الزيدي'' ما استرد لها كرامتها. البهجة التي استقبل بها الحدث مصريون وخصوصا في الأحياء الشعبية والقرى سرعان ما التقطها رسامو الكاريكاتير في صحف القاهرة وحولوها إلى بسمات ماكرة. وفي صحيفة الأهرام المحافظة، والتي تعبر في العادة عن الخط الرسمي رسم الفنان حلمي التوني حذاء يطير فوق رأسي اثنين من المهرجين، فيما يقول احدهما لزميله ''يمكن دي أسلحة الدمار الشامل اللي قال عنها بوش''. ويرد عليه الآخر قائلا ''لا.. دي مكافأة نهاية الخدمة''. الاهتمام بحذاء الزيدي لم تترجمه المشاهدة التلفزيونية والفضائيات فحسب. وبعد ساعات فقط من المشاهدة كانت واقعة استهداف بوش بالحذاء مقاطع فيديو تتناقلها الهواتف الجوالة للمصريين ومعها خلفية موسيقية لأغنية ''ع اللي جرى'' بصوت المطربة أصالة. كما انطلقت على مواقع ''الفيس بوك'' بشبكة الانترنت مجموعات تتشفى في الرئيس الأميركي وتتضامن وتحيي الصحافي العراقي وتحمل بعض هذه المواقع عنناوين ذات دلالة من قبيل ''ادعموا صاحب الحذاء'' و''الحذاء الذهبي'' و''صاحب أجمل هدف على رأس بوش''. وكان منطقيا أن يغدق أصحاب هذه المواقع على ''الزيدي'' ألقاب البطولة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق